السلام عليكم
في نهار يوم جميل وتغريد الطيور في أعشاشها فوق الأشجار و النخيل ..
استيقظت الأم لتوقظ ولديها " أحمد و بدر " هذان الأخوان الخلوقان ،
أحمد في التاسعة من عمره ويصغره أخوه بدر بسنتين فهو في السابعة من عمره،
أيقضتهما والدتهما بهدوء : هيّا يا أحمد .. هيّا يا بدر .. استيقضا لكي لا تتأخرا عن باص المدرسة ..
قام الولدين من السرير مُصبّحين بأمهما وقاما بتقبيل رأسها قبل كل شيء ،
ارتديا ثياب المدرسة ولم ينسيا أكل وجبة الإفطار قبل الخروج من المنزل مودّعين والدتها .
وفي باص المدرسة كان يجلس ولد سيء المظهر ، ثيابه غير مرتبة ، وشعره مجعّد ...
كان بدر يتحدّث مع أحد زملائه في الباص ، أمّا أحمد فقد جلس بجانب هذا الولد سيئ المظهر ..
و سلّم عليه مبتسما .. فردّ الولد : وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
بدأ أحمد بالحوار قائلا: ما اسمك يا صديقي ؟؟ وفي أي مرحلة أنت ؟
فقال : اسمي هاني و أنا في الصف الثالث
فقال أحمد : وأنا احمد في الصف الخامس .. هل تقبلني صديقا لك ؟
هاني : بكل سرور .. أتشرف بالتعرّف عليك يا أحمد
و انتهى حديثهما إلى هنا لأن الباص توقف عند باب المدرسة ،
نزل الطلاب من الباص فتصافح أحمد و هاني مودّعين بعضهما وقد اتفقا على
أن يتقابلا في الفسحة عند مطعم المدرسة .
وفي طابور الصباح قام بدر بتحية العلم و أخوه أحمد رتّل القرآن الكريم بصوته الجميل ،
فهذه هي عادة أحمد و بدر طالبين نشيطين في المدرسة . بعد طابور الصباح
ذهب كل طالب إلى صفه للدراسة و التعلم .
في صف بدر : دخل معلّم الرياضيات العصبيّ وبعد إلقاء السلام سأل عن الواجب
الذي طلبه من الطلاب بالأمس ..
لكن يوسف ذلك الولد الذي يجلس بجانب بدر نسي حل الواجب فطلب من بدر أن يسمح له بنقل الحل
قبل أن يكتشف الأستاذ أنه لم يحل الواجب ، فاعتذر بدر بأدب وقال ليوسف : لا يا صديقي لا أستطيع ..
ألم تسمع قول رسولنا الكريم " من غشّنا فليس منّا " ..
تشجّعْ يا يوسف واعترف بالحقيقة للأستاذ ولا تخف ،
فقام يوسف و قال للأستاذ: يا أستاذ أطلب منك مسامحتي لقد نسيت أداء الواجب ..
أعدك أن تكون هذه أول و آخر مرة .
ابتسم الأستاذ قائلا : بارك الله فيك يا يوسف .. دامك اعترفت بالحقيقة ولم تكذب فلن أعاقبك ..
لكن لا تكررها مرة أخرى .
شكر يوسف أستاذه وجلس مبتسما لبدر .
بعد الحصة الأولى و الثانية رنّ الجرس و بدأت الفسحة ، فذهب أحمد إلى مطعم المدرسة
برفقة أخيه بدر وصديقه خالد ،
والتقى بصديقه الجديد هاني كما اتفقا .
جلس الأولاد الأربعة على أحد المقاعد يتحدّثون ويأكلون و يضحكون، فقال أحمد :
ما رأيكم أن يكون اليوم هو يوم النظافة نجمع الأوساخ من ساحات المدرسة ونرميها في القمامة ؟؟
فوافق الجميع على ذلك وبدأوا بتنظيف ساحات المدرسة إلى أن رنّ الجرس معلناً عن نهاية الفسحة ، فذهب كلٌ لصفه .
عندما دخل أحمد و خالد صفهما وجدا " عمر و راشد " وهما زميلين لهما في خناق و عراك
و أصواتهما مرتفعة بالسباب والشتائم ..
فاسرع أحمد بفكهما عن بعضهما قائلا : كفاكما تضاربا و خناقا إنّكما أخوين .
فقال عمر: لا إنه ليس أخي بل مجرّد زميل لي ولا أتشرف أن يكون أخي
فردّ راشد صارخا : و أنا أيضا لا أتشرف أن تكون أخي .
فقال أحمد : لا أخواني إننا كلنا أخوان في الإسلام ولا يجوز سب بعضنا البعض ألم تسمعوا قول الله تعالى " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ "
و قول النبي صلى الله عليه و سلم : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره "
هيّا يا عمر .. هيّا يا راشد تصافحا و اعتذرا من بعضكما و خيركما الذي يبدأ بذلك .
فتصافح الولدين معتذرين من بعضهما على ما بدرَ من هما من سوء .
و في هذه الأثناء دخل الأستاذ و بدأ بشرح الدرس .
مرّت جميع الحصص على خير وفي نهاية الدوام المدرسي
تقابل الأصحاب الأربعة " أحمد خالد و هاني وبدر أخو أحمد "
و اتفقا على أن يقوموا بتنظيف المدرسة كل يوم .
قبل أن يعود أحمد إلى المنزل إلتفت إلى أصحابه قائلا : " لا تنسون أن تستحموا اليوم وتنظّفوا ملابسكم بعد هذا اليوم المتعب"
قال ذلك بأدب و لطف وهو يوجه الكلام لصديقه هاني بأسلوب ذكي غير مباشر .
عاد أحمد و بدر للمنزل و أول ما فعلوا هو تقبيل رأس والدتهما وإخبارها
عن يومهما الدراسي الحافل بالمواقف ،
ثم ذهبا لتغيير ملابسهما وانتظار عودة والدهما من العمل ليتناولوا وجبة الغداء معاً وبعد الغداء يذهبا مع والدهما إلى المسجد المجاور من المنزل لأداء صلاة العصر .. و عند العودة من المنزل يبدآ بحل الواجبات وبعد ذلك يقوما بأعمال نافعة ..
إما قراءة القرآن الكريم أو ترتيب غرفتهما أو مشاهدة البرامج المفيدة في التلفاز ،
و هكذا يكون كل يومهما في طاعة الله مُنظّمين أوقاتهما في كل شيء .
و في اليوم التالي قابل أحمد و بدر صديقهما الجديد هاني في الباص و قد كان نظيفا و ثيابه مرتبة
وهذا كله من فضل أحمد الذي استطاع بتصرفه الذكي أن يدعو هاني للنظافة كما قال الرسول صلى الله عليه و سلم
" إن الله جميل يحب الجمال ، نظيف يحب النظافة "
وهكذا يأتي يوما بعد يوم والأخوين الصالحين " أحمد و بدر " من خير إلى خير و من أجر إلى أجر ،
متوكلين على الله قبل الإقبال على أي شيئ .. ينشرون الخير أينما كانوا .. و شعارهم قول النبيّ صلى الله عليه و سلم :
" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه "
فاقتدوا بهذين الأخوين يا أحبائي الصغار حفظكم الله و رعاكم من كل سوء.
الأحد أغسطس 24, 2008 8:55 pm
